المواطنة أم الأمة ؟
تمر كثير من النخب المثقفة في عالمنا الإسلامي بشقيه العربي والعجمي منذ عقود بأزمة فكرية حادة، وحالة انهزامية واضحة، أمام كثير من المصطلحات الوافدة من العالم الغربي (المتقدم تقنيا)، ويتمثل ذلك في قبول تلك المصطلحات، والترويج لها، والدعوة إلى تعميمها؛ لتسود مناخنا الفكري والثقافي، ومهاجمة من يقف في الاتجاه المعاكس، بل والساكت الذي لا يظهر موافقة ومشايعة، ويشاركهم في هذا فئة تنتسب إلى العلم الشرعي ويزيدون عليهم بمحاولة إضفاء مسحة أو شكل إسلامي على تلك المصطلحات بأساليب غريبة وبعيدة عن أساليب أهل العلم ومجافية لأصول الاستدلال المستقرة لدي العلماء، فيتسولون الدلالات ويستنطقون النصوص باستكراهها ليزرعوا هذه المصطلحات ويستنبتونها في بنية المنظومة الثقافية الإسلامية، يفعلون ذلك مع أكثر المصطلحات القادمة من وراء البحار وكأن دور الإسلام مع هذه المصطلحات الشهادة لها بالسبق والتصديق عليها بالإصابة.
منذ عقود طويلة استقدمت كثير من المصطلحات كالاشتراكية والعلمانية وتحرير المرأة والرأسمالية والديمقراطية والمعارضة والأحزاب السياسية والليبرالية والدولة المدنية، وغير ذلك، وقد تبين فساد مدلولات بعض تلك المصطلحات بعد فترة من الزمن رغم الوهج الذي كانت تتمتع به عند ظهورها، وما زالت هناك مصطلحات لها وجود وحضور وتأثير في الواقع رغم عدم صلاحيتها ومخالفتها للشرع المنيف، وقد تعرضتُ في مرات سابقة لمدلولات بعض هذه المصطلحات كالديمقراطية والعلمانية والمعارضة والدولة المدنية، والمشاركة في البرلمان وغير ذلك وبينت بعض مخالفاتها للشريعة، وفي هذا المقال نتعرض لمصطلح المواطنة الذي كثر تداوله هذه الأيام وأصبح له وجود فاعل وتأثير واضح في القوانين والفكر والثقافة والمجتمع، وإن كان هذا المصطلح بدأ في التعرض للاهتزاز فيما يشبه الأزمة، وذلك بفعل تأثيرات العولمة الملغية لتأثيرات الحدود (الجغرافيا) ولخصوصيات المجتمعات (الثقافة والفكر والعادات) والتي تستهدف إلغاء أو كسر الحاجز الوطني.
المواطنة لغة:
لفظ المواطنة لغة مأخوذ من مادة "و ط ن" لكن ليس على المعنى المصطلح عليه، وفي لسان العرب: "الوطن المنزل تقيم به وهو موطن الإنسان ومحله والجمع أوطان، وأوطان الغنم والبقر: مرابضها وأماكنها التي تأوي إليها... وطن بالمكان وأوطن: أقام، وأوطنه: اتخذه وطنا، يقال أوطن فلان أرض كذا وكذا: أي اتخذها محلا ومسكنا يقيم فيها، والميطان: الموضع الذي يوطن لترسل منه الخيل في السباق، وفي صفته صلى الله عليه وسلم: "كان لا يوطن الأماكن"، أي لا يتخذ لنفسه مجلسا يعرف به، والموطن: مفعل منه، ويسمى به المشهد من مشاهد الحرب وجمعه مواطن، والموطن: المشهد من مشاهد الحرب، وفي التنزيل العزيز :"لقد نصركم الله في مواطن كثيرة"، وفي المصباح المنير في غريب الشرح الكبير: "الوطن: مكان الإنسان ومقره، ومنه قيل لمربض الغنم: وطن، والجمع أوطان مثل سبب وأسباب، وأوطن الرجل البلد واستوطنه وتوطنه: اتخذه وطنا، والموطن مثل الوطن والجمع مواطن مثل مسجد ومساجد، والموطن أيضا: المشهد من مشاهد الحرب، ووطن نفسه على الأمر توطينا: مهدها لفعله وذللها، وواطنه مواطنة مثل وافقه موافقة وزنا ومعنى"، فالكلمة تدور حول المكان والإقامة فيه، وليست تحمل مدلولا اصطلاحيا يحمل قيمة تزيد عن معناها اللغوي، ومن هنا يتبين أنه لا دلالة لغوية في كلمة هذه المادة "وطن" على المعاني والدلالات التي أريد لها أن تحملها والتي نعرض لها لاحقا، وقد حاول البعض أن يستخرج عن طريق القياس دلالة لغوية على جواز استعمال لفظ المواطنة بمعنى المعايشة، ورغم أن هذا الاستعمال لا وجود له في لغة العرب، بل هو محدث، فإنه بفرض وجوده أو صوابه فإنه لا يدل على المعنى الاصطلاحي الذي يراد أن يدل عليه لفظ المواطنة
المواطنة اصطلاحا:
لكن هذا اللفظ أريد له أن يحمل بعدا فكريا وأيدلوجيا تبنى على أساسه التصورات والتصرفات في الوطن الذي يحمل اسم "دولة" ليحل محل الدين في صياغة التصورات والأفكار وإقامة العلاقات، خاصة أن هذا المصطلح ارتبطت بدايات ظهوره بتنحية الدين في العالم الغربي النصراني الذي ظهر فيه، وتغليب مفاهيم بديلة تتنكر للدين وتعلي من قيمة الجنسية والتراب الوطني والاعتزاز به أكثر من غيره، والانتماء إلى تراثه التاريخي وعاداته وثقافته ولغته، والتي شكلت نسيجا يحيط بالوطن حتى حولته إلى رمز يُوالى فيه ويُعادى عليه ومنه تستنبط القيم والسلوك و العادات؛ وعلى أساسه تحدد الحقوق والواجبات بعيدا عن الدين أو أي موروث فكري أو ثقافي يعارض هذه الفكرة، حيث يعمل على إذابة كل الأفكار والانتماءات العقدية والعرقية
ورغم أن مصطلح المواطنة لم يوجد على هذه الصورة أول أمره بل أخذ يتطور وينتقل من مفهوم إلى مفهوم، بحيث لا يمكن الوقوف على تعريف جامع له، إلا أنه ينظر للمواطنة بوجه عام على أنها علاقة قانونية بين الفرد (المواطن) وبين الوطن الذي تمثله الدولة بسلطاتها الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية، حيث تنظم القوانين السائدة هذه العلاقة، والتي تقوم على أساس الانتماء لوطن واحد خاضع لنظام سياسي واحد بعيدا عن الارتباط بشيء خارج إطار الوطن سواء كان الدين أو الثقافة أو غير ذلك، ، وهي علاقة اصطناعية ليست علاقة طبيعية، فهي ليست صفة لصيقة للإنسان بمقتضى إنسانيته بل هناك طرق لاكتسابها كما أن الإنسان يمكن أن بفقدها وفق شروط وضوابط معينة.
كما أن الأحكام المنظمة لهذه العلاقة قابلة للتغيير انطلاقا من إمكانية تغيير القوانين التي تضبط حدود تلك العلاقة وتبين الحقوق والواجبات المترتبة عليها.
المواطنة في الموسوعات:
وقد نصت كثير من الموسوعات كدائرة المعارف البريطانية والموسوعة السياسية لعبد الوهاب الكيالي، وقاموس علم الاجتماع لمحمد عاطف غيث على أن المواطنة علاقة بين فرد ودولة كما يحددها قانون تلك الدولة، وبما تتضمنه تلك العلاقة من حقوق يتمتع بها وواجبات يلتزم بها، انطلاقا من انتمائه إلى الوطن الذي يفرض عليه ذلك، ومن هنا يتبين أن المواطنة أضحت فكرة وتصورا تنبثق منها الحقوق والواجبات وتتحدد على أساسها الالتزامات، وتحولت بذلك إلى أيديولوجيا يلتف حولها الأفراد في الوطن الواحد على اختلاف لغاتهم ومللهم ونحلهم.
وانطلاقا من مبدأ المواطنة يصير جميع الأفراد (المواطنين) في مركز قانوني واحد، فما يجوز لفرد يجوز لجميع الأفراد، وما يمنع منه فرد يمنع منه جميع الأفراد، ومع إيمان المسلمين بوجوب العدل مع الجميع حتى لو كانوا كفارا محاربين كما نصت على ذلك النصوص الشرعية، لكن النصوص أيضا اختصت الكفار ساكني دار الإسلام (أهل الذمة) ببعض الأحكام التي يختلفون فيها عن المسلمين، والأخذ بمبدأ المواطنة على النحو المتقدم يعني إهدار تلك الأحكام، وبمقتضى ذلك يجوز لليهودي أو النصراني من ساكني دار الإسلام أن يكون وليا لأمر المسلمين، وبمثل ذلك يقول كل الذين ينادون بمبدأ المواطنة، وهذا مما يتبين به تعارض مفهوم المواطنة مع الأحكام الشرعية في هذا الباب وأبواب أخر، ولا شك أن التقيد بالأحكام الشرعية يعني عدم القبول بمبدأ المواطنة أو التقيد به.
المتحدثون بالمواطنة:
والكلام المنقول عن المحتفين بمبدأ المواطنة أو الآخذين به والداعين إليه يؤيد ذلك الكلام المتقدم ويؤكده.
يقول د/يحيى الجمل: "بوضوح وبإيجاز شديد، يعني مبدأ المواطنة أن كل مواطن يتساوى مع كل مواطن آخر في الحقوق والواجبات، ماداموا في مراكز قانونية واحدة... إذا صدرت قاعدة قانونية تقول إنه لا يجوز للمصري غير المسلم أن يتولى منصبًا معينًا أو ألا يباشر حقًا سياسيا معينًا فإن هذه القاعدة تكون غير دستورية لمخالفتها مبدأ المواطنة... إن حق المواطن بصفته مواطنًا أن يدخل أي حزب شاء، أو أن يلي أي منصب عام تنطبق عليه شروطه لا يرتبط بكونه منتميا إلي دين معين، أو أنه بغير دين أصلاً. فمن حق المواطن أن يكون مواطنًا حتى ولو لم يكن صاحب دين سماوي من الأديان الثلاثة المعروفة".
فهذا القائل يرى أن المواطنة تتيح لكل أحد حتى لو كان ملحدا أو وثنيا أو من عباد الوثن أو عبيد الشيطان أن يكون وليا للأمر في بلاد المسلمين ما دام هو من سكان ذلك الوطن، ومن ثم فله الحق في التمسك بما يراه بل ويدعو إليه.
ويعدد علي خليفة الكواري مقومات الحكم الديمقراطي فيقول : "ثانيتها: مبدأ المواطنة الكاملة المتساوية الفاعلة, واعتبار المواطنة -ولا شيء غيرها- مصدر الحقوق ومناط الواجبات دون تمييز، وأبرز مظاهر المواطنة الكاملة هي تساوي الفرص من حيث المنافسة على تولي السلطة وتفويض من يتولاها، وكذلك الحق المتساوي في الثروة العامة التي لا يجوز لأي أحد أن يدعي فيها حقا خاصا "
فالمواطنة ولا شيء غير المواطنة- عند الكواري-(دينا كان أو غيره) مصدر الحقوق ومناط الواجبات.
وعلى الدرب نفسه تسير د/ منى مكرم عبيد، فبعد أن نقلت عدة تعريفات للمواطنة عقبت على ذلك برأيها في معنى هذه الكلمة وما يترتب على الأخذ بها فقالت: "وبوجه عام يمكن القول أن المواطنة تعني "العضوية الكاملة والمتساوية في المجتمع بما يترتب عليها من حقوق وواجبات، وهو ما يعني أن كافة أبناء الشعب الذين يعيشون فوق تراب الوطن سواسية بدون أدنى تمييز قائم على أي معايير تحكمية مثل الدين أو الجنس أو اللون أو المستوى الاقتصادي أو الانتماء السياسي أو الموقف الفكري".
فهي ترى أن المعايير القائمة على أساس الدين معايير تحكمية، أي معايير لا تعتمد على المنطق السليم والتفكير الرشيد، بل هي معايير لا تستند إلا لمنطق القهر والقوة وفرض الرأي على الآخرين.
عناصر المواطنة:
من هذه النقولات وما يشبهها نجد أن المواطنة عند الآخذين بها تشتمل على عدة عناصر:
1-علاقة قانونية بين فرد (مواطن) ودولة
2-أساسها الاشتراك في وطن واحد
3-وجود حقوق وواجبات متبادلة بين الفرد والدولة
4-الوطن مصدر الحقوق والواجبات ولا شيء غيره
5-المساواة بين الأفراد (المواطنين)جميعهم على قاعدة الاشتراك في الوطن
6-خضوع الفرد (المواطن) لأنطمة المجتمع والتقيد بها
7-استبعاد الدين من هذه العلاقة القانونية استبعادا مقصودا.
ويتبين من ذلك أن الدعوة إلى المواطنة هي في حقيقتها دعوة إلى العلمانية ولكن بمصلح جديد.
المواطنة عبر التاريخ:
يرجع بعض الباحثين فكرة المواطنة إلى تاريخ متأخر جدا حيث يربطونها بدولة المدينة عند الإغريق في مدينة أثينا القديمة، ومن اللافت للنظر أن كثيرا من الباحثين الغربيين يرجعون بدايات كل فكرة سياسية أو اجتماعية ذات قيمة لديهم إلى تلك المدينة، وكأنهم يريدون أن يبينوا أن لهم تاريخا يستندون إليه ويعتمدون عليه، ومن الصعب جدا-في ظل المعلومات المتوفرة عن مدينة أثينا- الحديث عن فكرة المواطنة فيها بمفهومها الحالي أو حتى قريبا منه، وإرجاع فكرة المواطنة إلى هذا التاريخ فيه تجاوز كبير إن لم يكن خطأ فادحا، مع العلم أن إرجاع هذه الفكرة لذلك التاريخ لا يعني صوابها، لكن من الممكن إرجاع البدايات المؤثرة والتي نتج عنها تطور هذا المفهوم للثورة الفرنسية العلمانية عام 1789 م وما تلاها، وقد ارتبط مفهوم المواطنة بالتطور السياسي في المجتمع الغربي النصراني حيث انتقل النظام من السلطة المطلقة الممنوحة للحكام بغير ضوابط إلى فكرة العقد الاجتماعي الذي قضى على سلطان الكنيسة، والذي انبنت عليه الدولة الحديثة في ثوبها العلماني القومي، وخاصة بعد تهميش الدين في نفوسهم وتحويله إلى مجرد شكليات وطقوس تؤدى في زمن محدد ومكان معين، ثم لا يكون لها خارج الوجدان الذاتي أدنى تأثير، والتي انتهت بكثير منهم إلى الإلحاد، وقد كان ابتداع فكرة المواطنة بمثابة حل للصراع القائم بين أصحاب التعددية العقدية والتعددية العرقية في المجتمع الغربي.
والآن تتعرض فكرة المواطنة لتحد كبير ناتج من التحديات التي أوجدتها العولمة المتغولة، حيث يراد إضعاف الهوية الوطنية، وإذابة المجتمعات في النسق الثقافي الغربي (فكرا-اقتصادا-سياسة)، وخاصة أمريكا، لتكون الدول المستهدفة بمثابة الحقل أو المنجم الذي يصب مواده الأولية في مصانع الغرب، بينما تباع مصنوعات الغرب في أسواقهم..
لا دينية مفهوم المواطنة:
المواطنة-بالنسبة لمن يقولون بها-فكرة إنسانية بحتة، ليس لها أية مرجعية خارج نطاق الإنسان نفسه، يمكن أن تقاس عليها أو تحاكم من خلالها، ليس لها تعلق بالدين، ومن ثم فإن عقول البشر وأهواءهم هي التي تحكم هذه الفكرة وتضع لها المقاييس، وانطلاقا من هذا فإن الأفكار والعلاقات والقوانين المتعلقة بها تنتقل من وضع إلى وضع آخر ومن طور إلى طور ثان تبعا لزيادة علم الإنسان أو نقصانه وتبعا لحسن خلقه أو سوئه، وتبعا لما يراه محققا لمصالحه، فالمواطنة ليس لها أي مرجعية دينية، وإن حاول بعض من الناس إلصاقها بالدين، وقد بينت النقولات السابقة وغيرها تعارض فكرة المواطنة مع الدين، كما ظهر هذا التعارض عمليا عند إرادة تعديل الدستور المصري حيث رأى فريق من الناس أن المادة الثانية في الدستور التي تنص على أن مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيس للتشريع تتعارض تماما مع مفهوم المواطنة.
إن عد التمسك بالشريعة الإسلامية معارضا تماما لمبدأ المواطنة يبين أن المراد بالمواطنة ليس ما يزعمه المروجون لها وهو حسن التعامل مع المخالف أو البر به والعدل معه ونحو ذلك من المقولات التي تملها الأسماع، بل المراد منها تنحية الشريعة وإبطال العمل بها، وأن يحتكم الناس إلى ما يرونه ويتفقون عليه.
ضيق المواطنة ومحدوديتها:
المواطنة انطلاقا من تقيدها بالوطن وانحصارها في الأفراد الذين يسكنونه فإن معانيها ودلالاتها تختلف من بلد لآخر، وتنحصر في الحدود الجغرافية لكل وطن، فليس لها صفة العموم والشيوع، فالإنسان لا يعامل معاملة (المواطن) ولا يتمتع بحقوق المواطنة إلا داخل حدود دولة يحمل جنسيتها حتى لو عاش أغلب حياته خارج حدود الوطن، بينما الإنسان الذي لا يحمل جنسية دولة ما لا يتمتع بحقوق المواطنة فيها وإن جلس عشرات السنين، أو قضى عمره كله فيها يعطيها من فكره وعقله وجهده.
وأصحاب الفكر الديمقراطي لا يرون معنى حقيقيا للمواطنة إلا في دولة ديمقراطية ليبرالية، كما أن أصحاب الفكر الاشتراكي لا يرون معنى حقيقيا للمواطنة إلا في دولة ديمقراطية اشتراكية.
والمواطنة بالنسبة للمسلمين تمثل دعوى للتفرق والتشتت والتقوقع، فيكون هناك ولاء من الفرد (المواطن) لوطنه يلتزم بقوانينه ويدافع عنه، ولا يتعدى ذلك إلى محيطه الأوسع وأمته المترامية الأطراف، لأن المواطنة مرتبطة بأبعاد جغرافية محدودة لتحقيق منافع دنيوية.
وبتبني المواطنة والدعوة إليها تزداد عوامل الانعزال بين أوطان الأمة الواحدة، وانطلاقا من هذه المواطنة المحشورة في الوطن أفتى بعض المنسوبين للعلم، المسلمين في الجيش الأمريكي-عندما اعتدت أمريكا على أفغانستان-بجواز الاشتراك في مقاتلة المسلمين في أفغانستان، ومن قبل ذلك بعقود في بداية القرن العشرين الميلادي قامت في مصر دعوات مناهضة لاشتراك المصريين في مساعدة إخوانهم الليبيين ضد الاحتلال الإيطالي، فالمواطنة تفرق بين أبناء الأمة الواحدة وتجعل للمشاركين في الوطن المسلم-من أهل الديانات المباينة له-حقوقا ليست للمسلم من وطن آخر، مما يمثل إعلاء لرابطة المواطنة (الوطن) على رابطة الدين (الأمة)، وفي هذا مخالفة صريحة للنصوص الشرعية التي تعلي رابطة الإيمان وتجعلها فوق الروابط جميعها، فهناك روابط كثيرة تربط بين الأفراد كرابطة الأبوة والبنوة والأخوة والزوجية، والعشيرة والمال والتجارة والمساكن والأوطان، لكن لا ينبغي أن تقدم رابطة من تلك الروابط على رابطة الدين وحب الله ورسوله والجهاد في سبيله قال الله تعالى: "قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ"، [التوبة24]، ونظرا لأن الدين مقدم على الأوطان فقد شرعت الهجرة من الأوطان المحاربة للدين إلى أماكن أخرى يأمن المسلم فيها على نفسه ويتمكن من عبادة ربه من غير مضايقات، وتجب الهجرة وترك موطن الآباء والأجداد إذا تعين ذلك طريقا للحفاظ على الدين.
الأمة وليست المواطنة:
الرابطة التي تربط المسلمين بعضهم ببعض في مشارق الأرض ومغاربها هي رابطة الإيمان المتجسدة في الأمة الواحدة، وليست رابطة المواطنة القائمة على أساس الوطن، فقد دل الكثير من النصوص الشرعية التي تصل دلالتها لدرجة القطع على أن رابطة الإيمان هي التي تربط بين المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، وأن كل ما عارض هذه الرابطة فهو مطروح بغض النظر عن الاسم الذي يأخذه سمي مواطنة أو وطنية أو غير ذلك، ولفظ الأمة: يحمل العديد من المعاني اللغوية كقولهم للجماعة والقرن من الناس والصِّنف منهم وغَيرهم: أمَّة ، وللحين من الزمان: أمَّة، وللرجل المتعبِّد المطيع لله: أمّة، وللدين والملة والطريقة والمنهاج: أمّة، فمن ذلك قوله تعالى في جماعة الناس: "ولما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون" وكقوله تعالى في الحين من الزمان: "وقال الذي نجا منهما وادكر بعد أمة"، وكقوله تعالى في الرجل المتعبد المطيع لله تعالى: "إن إبراهيم كان أمة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين"، وكقوله في الدين والملة والطريقة والمنهاج الحق: "إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون"، وقوله تعالى: "كنتم خير أمة أخرجت للناس"، وكقوله في الدين والملة والطريقة والمنهاج الباطل: "بل قالوا إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون"، ومن هنا يتبين أن لفظ الأمة يحمل معنى دينيا، وهو الجماعة من الناس المجتمعة على دين واحد، بغض النظر عن أية قواسم مشتركة أخرى، فإذا غاب المشترك الإيماني لم تكن جماعة الناس في ميزان الإسلام أمة وإن اشتركت في كثير من الأمور الأصلية أو الفرعية، أو تقاربت منازلهم ومساكنهم، ومتى وجد المشترك الإيماني الذي يجتمع الناس عليه صارت جماعتهم أمة وإن فقدت بقية القواسم المشتركة، أو تباعدت ديارهم، قال الله تعالى: "وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس"، وهو خطاب للمسلمين على امتداد الزمان والمكان، ومن هذا المنطلق يكون المسلمون أمة متميزة عن غيرها من الأمم على أساس العقيدة وليس على أساس عرق أو لون أو لغة أو وطن، ففي الكتاب الذي كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار "بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب من محمد النبي الأمي، بين المؤمنين والمسلمين من قريش ويثرب ومن تبعهم فلحق بهم وجاهد معهم، أنهم أمة واحدة من دون الناس"[9]، فالضابط في ذلك كله ليس القبيلة وليس اللغة وليس الجنس، وإنما هو الإسلام والإيمان الذي يشترك فيه أهل قريش وأهل يثرب ومن تبعهم فلحق بهم وجاهد معهم، وقد رتبت تلك الوثيقة النبوية التي كتبها الرسول صلى الله عليه وسلم مدخله المدينة الحقوق والواجبات بين المسلمين والمؤمنين، وكان فيما جاء في ذلك: "وإن المؤمنين بعضهم موالى بعض دون الناس"، فالمسلمون أينما وجدوا-في وطن واحد أو عدة أوطان-إخوة ترتبط علاقاتهم بالأحكام الشرعية التي تجعل منهم إخوة في جماعة واحدة، يسعى بذمتهم أدناهم، يوالي بعضهم بعضا وينصر بعضهم بعضا
المواطنة في تصورات بعض الإسلاميين:
يحاول بعض الإسلاميين إيجاد علاقة تربط بين فكرة المواطنة في معناها الاصطلاحي وبين الإسلام، ويدور كلامهم في ذلك على عدة أمور:
1-الصحيفة: وهي الصحفية التي كتبها رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المسلمين وغيرهم من سكان المدينة وحدد فيها أسس العلاقة بينهم، وهؤلاء الإسلاميون اعتمدوا فيما يذهبون على تصورات شكلية بعيدة وأهملوا الصحيفة نفسها، والمتأمل في الصحيفة نفسها أو في كيفية كتابتها يدرك أنه لا علاقة بينها وبين المواطنة، فالصحيفة تجعل الحاكم في كل ما يشتجر بين الناس في المدينة على اختلافهم شرع الله ودينه والذي يمثله رسول الله صلى الله عليه وسلم، والحقوق الممنوحة أو الواجبات الملزمة فإنما أخذت من هذه الشريعة الغراء وهذا يناقض المواطنة مناقضة تامة، حيث لا تعويل على الدين فيما يقوم بين الناس المشمولين بعلاقة المواطنة، بل العلاقات والحقوق والواجبات تقرر من خلال القوانين السائدة في المجتمع والتي تتعامل مع الإنسان بوصفه أحد أفراد هذا المجتمع دون النظر إلى أية محددات أخرى كالدين ونحوه، كما أن ما جاء في الصحيفة لم يأت عن طريق الاتفاق بين مكونات مجتمع المدينة، بل هي قواعد وأحكام وضعها الرسول صلى الله عليه وسلم، التزم بها هو والمسلمون وألزم غيرهم من السكان بها، بينما القوانين التي تحكم مسألة المواطنة جاءت-كما يصورون- عن الطريق الديمقراطي الذي ينيط بالنواب الممثلين للشعب مهمة التشريع ووضع القوانين وإنشاء الحقوق والواجبات والعلاقات.
2- الحقوق والواجبات المنصوص عليها في الشرع والتي تخص الرعية من جانب، وتخص ولاة الأمر من جانب آخر، وتخص الكفار ساكني دار الإسلام من جانب ثالث، فيحمل هذا النفر من الإسلاميين ما تقرر هنا على ما تقرر في فكرة المواطنة، وهذا فيه انتقاص للشرع ووضعه في منزلة أدنى من فكرة المواطنة، فالشرع في تقرير الحقوق والواجبات التي هي لكل أحد من دار الإسلام أميرا كان أو مأمورا مسلما كان أو كافرا، هو أسبق مما جاء في المواطنة بقرون وأكمل، ولا يجوز إهمال الأسبق الأكمل والتعويل على المتأخر الناقص، كما أن مصدر الحقوق والواجبات في الإسلام هو الشرع، بينما مصدرها في المواطنة الاشتراك في وطن واحد، ولا يمكن حمل واحدة على الأخرى حتى لو وجدت بعض الموافقات وذلك للاختلاف الجذري بين مصدر كل من الأمرين، وهذا ليس مجرد مسألة شكلية أو غير ذلك، لأن هذا الاختلاف في المصدر يترتب عليه اختلافات جوهرية بين الأمرين، فكون مصدر الحقوق والحريات هو شرع الله تعالى يمنحها حصانة بحيث تكون ثابتة لا يملك أحدا تغييرها أو العبث بها ولو اجتمع على ذلك الناس، بينما الأمر في المواطنة على العكس من ذلك حيث يمكن لمجموع من الناس إدخال تعديلات على أحكام هذه العلاقة.
إن محاولة إيجاد مشابهة بين ما عندنا وعند الآخرين، والحصول على شهادة بالحكم على صواب ما عندنا بدليل موافقته لما عند الآخرين يعبر عن شعور بالهزيمة والدونية، عند من يقومون بذلك.
3-صرف الأدلة المخالفة لما يذهبون إليه: يصرف هؤلاء الإسلاميون الأدلة الدالة على خطأ ما يذهبون إليه، بأنواع من الصوارف هي أقرب إلى التحريف منها إلى التأويل، فتراهم يقولون عن الأدلة المبينة لخطئهم: إنها لم تأت للتعريف أو البيان الذي يستدل به على الأحكام، بل هي وصف للحالة القائمة أو السائدة في ذلك المكان أو الزمان، فلا يؤخذ منها حكم عام، ومن ذلك أن هذه الأدلة تدل على أحكام انتقالية ليست أحكاما عامة دائمة وهو ما يسمونه بتاريخية الشريعة، أي أن تلك الأحكام مناسبة لذلك التاريخ الغابر بسبب الأوضاع الدولية التي كانت سائدة وقتها، أما الآن-كما يقولون-فإن الأوضاع الدولية تغيرت ولم تعد الأوضاع القديمة مؤثرة، ومن ثم فإن ما بني عليها-كما يقولون-لم تعد له الآن حاجة.
ولا شك أن هذا القول يمثل قدحا في كمال الشريعة وعمومها وشمولها لظرفي الزمان والمكان وديمومتها، وهو قول لم يقل به إلا أمثال هؤلاء المعاصرين الخارجين على أصول الاستدلال، وهو مسلك يتبعونه في كل ما لا يقدرون على دفعه من الأدلة، ولا يقدمون برهانا على ذلك سوى الدعوى التي يدعونها وهي ليست برهانا، كما أنه يجعلها شريعة قاصرة خاصة بزمن الرسول صلى الله عليه وسلم وما قرب منه، وهو يعني عمليا نسخ الشريعة وتقديم الاجتهادات العصرية-على النصوص الشرعية وأقول الثقات من أهل العلم-التي هي في حقيقتها مجاراة للأفكار والتصورات الوافدة بعد أن يتم تلميعها وطلائها بطلاء خداع مزور باسم الإسلام، وبمرور الأيام فإن اصطلاحات الكفار وأفكارهم تتغير وتتبدل حسب ما يتاح لهم من معرفة أو هوى إذ لا ضابط لها غير ذلك، ولأن من اعتقادات الكثيرين منهم أنه لا توجد حقائق مطلقة بل الحقائق نسبية، ومتابعة المسلمين لهم في قبول تلك الاصطلاحات والعمل بها يلقي في وعي المسلمين وحسهم عدم عصمة الشريعة وانقطاع عمومها وديمومتها.
4-حشر بعض الأمور التي لا علاقة لها بالمواطنة ومحاولة الاستدلال بها عليها:
بعض من الإسلاميين يجتهد في جمع بعض المسائل الفقهية الفرعية التي يحاول أن يبين دلالتها على المواطنة، وذلك كمن يستدل بإجازة بعض الفقهاء الصدقة على غير المسلم، أو يستدل بحسن معاملة المسلمين للكفار المقيمين في دار الإسلام ونحو ذلك من الأمور، كالعدل مع المخالفين وعدم ظلمهم، على اعتماد الإسلام لمبدأ المواطنة، وهذا خلل بين في الفهم والاستدلال، فأين دلالة تلك المسائل المقررة شرعا على المواطنة التي تقدم الولاء للوطن على ما عداه، وتقيم الحقوق والواجبات انطلاقا من الاشتراك في الوطن، ولا شيء غير ذلك
5-الاستفادة مما فيها من الخير وتجنب ما فيها من الشر: يرى هؤلاء الإسلاميون أن في المواطنة جوانب مضيئة وإيجابية، ويعقبون على تلك المقولة برغبتهم في الاستفادة مما في هذا المصطلح من تلك الإيجابيات وفي الوقت نفسه اجتناب واتقاء ما فيه من المساوئ والعيوب، ويرون أن هذا لا يعارض الشريعة بل يمثل روحها في التعامل والاستفادة مما عند الآخرين، ورغم ما قد يظهر في هذا الكلام من التوازن الذي قد ينطلي على كثير من الناس، إلا أنه في الحقيقة يحمل في جنباته مخاطر عظيمة، لأن هذه الأدوات المعنوية (فكرية-ثقافية) ليست كأدوات التقنية المادية التي يمكن أن يقال فيها هذا الكلام، وللجواب على ما قد يطرحه هذا الكلام من تساؤل: ما الذي يمنع من الأخذ بهذا المصطلح مع تنقيته مما فيه من المساوئ؟ ويقال جوابا على ذلك:
1-هذا المصطلح يتناول قضية مهمة وهي قضية الحقوق والواجبات المتبادلة بين الدولة (السلطة) والرعية، والقول بالأخذ بما في هذا المصطلح من الإيجابيات يتضمن خلو الشريعة من مصطلح يجمع تلك الإيجابيات، وإلا لم يلجأ إليه من لجأ، وهذا فيه خطورة كبيرة على عقيدة القائلين بهذا اللازم.
2-يكاد ألا يوجد شيء في الدنيا إلا له إيجابيات وسلبيات، (إلا ما كان محرما لذاته)، ولو اتبعنا هذه الطريقة لأوشك ذلك أن نهجر كل مصطلحاتنا الشرعية واستبدال مصطلحات وافدة بها بحجة وجود إيجابيات بها، فوجود بعض الإيجابيات لا يكفي بمجرده، فإن اجتماع المصالح والمفاسد في الشيء الواحد كثير، قال الله تعالى: "يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما أثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما"، فلم تكن المنافع فيهما مسوغا لحل أحدها، بل هناك شروط لجواز مثل هذا، منها: أن لا يوجد مصطلح خال من السلبيات، وأن تكون الإيجابيات أعظم من السلبيات في الحال والمآل، وأن تكون هناك حاجة حقيقية لاستعمال ذلك الاصطلاح
3-إمكانية تنقية هذا المصطلح من الأمور السيئة التي يتضمنها، وهم من الأوهام، فالأمور التي يراد تنقيتها منه هي أصله وجوهره، فإذا عزلت عنه سقط المصطلح ولم يعد ذا معنى، ومن ثم تضيع المنافع التي كانوا يودون تحقيقها من استخدامه، ثم إن هذه المصطلح نشأ في بيئة غير إسلامية لتحقيق أغراض تأباها الشريعة وقد تسربت مضامين هذه البيئة في كل مسارب المصطلح بحيث لا يمكن التخلص منها، فأصبح المصطلح غير إسلامي قلبا وقالبا، وعند استخدام هذا المصطلح سينصرف الذهن إلى معناه المصطلح عليه لأنه أسبق في الوجود، ولأن بقية السكان من أهل الذمة ومن العلمانيين وأشباههم لن يسلموا بذلك أو يعولوا عليه.
4-ليس من المقبول ولا من المعقول أن يترك الإنسان ما هو معتقد لسلامته وصحته وخلوه من العيوب والمساوئ، والانتقال إلى غيره مما يقر ويعتقد باشتماله على العيوب والمساوئ، بزعم إمكانية تنقيته وإصلاحه، إلا أن يكون ضعيف العقل أو شاكا في الحقيقة السابقة وإن ادعى إيمانه بها، أو مكرها على ما لا يريده، أو سيء الطوية.
5-هذه المصطلحات الدخيلة لا تحمل أي شحنة إيمانية بل هي كلمات جافة لا يحمل الناس على احترام مضمونها والتقيد بها إلا بمقدار ما يؤملونه من النفع فيها، أو ما يخافونه من العقوبة التي تحل بهم، وذلك بعكس المصطلحات الشرعية المحملة بالشحنات الإيمانية التي تحمل المسلم على الالتزام والتقيد بها تدينا وعبادة حيث لا يخالف مقتضاها وإن كان خاليا.
6-ترك مصطلحاتنا إلى غيرها من المصطلحات-بزعم تحقيق بعض الإيجابيات-من شأنه أن يحدث قطيعة فكرية وثقافية بين الأجيال المعاصرة والأجيال السابقة، ومن ثم قطيعة عملية تطبيقية مع الأحكام الشرعية، لاسيما أن المصطلحات الحادثة القادمة من الغرب غير ثابتة بل هي في حالة حركة وتغير لا تكاد تتوقف، ومتابعتهم في ذلك مما يعمق القطيعة ويجعل الأجيال أسرى لتلك المصطلحات.
أخطار إدماج مفهوم المواطنة في النسيج الثقافي للأمة:
إن محاولة إدماج مفهوم المواطنة في النسيج الثقافي والفكري لأجيال المسلمين ينطوي على خطورة كبيرة من ذلك:
1-إضاعة المفاهيم والأحكام المتعلقة بالولاء والبراء، حيث يؤسس الولاء والبراء في المواطنة على أساس الحدود الجغرافية ولا يؤسس على الحقائق الإيمانية،
2-تشتيت الأمة والتأكيد على انعزال أقطارها والمعاونة على عناية كل فرد بوطنه بقطع النظر عن بقية أوطان المسلمين
3-إظهار أن مفهوم الوطن والأمة أمران مترابطان أو متلازمان، ومن ثم فإنه يرتب على ذلك إدخال أو إدماج مفهوم المواطنة في مفهوم الأمة ويخلع على مفهوم المواطنة الصفات والأحكام التي لمفهوم الأمة.
4-ضياع المصطلحات الإسلامية وذوبانها في المصطلحات الوافدة من أمم الكفر.
5-الاعتراف بلسان الحال-وليس بلسان المقال-بسيادة المصطلحات الوافدة وغلبتها للمصطلحات الإسلامية وقدرتها على الوفاء بحاجات المسلمين أكثر من مصطلحاتهم الواردة في الكتاب والسنة
6-تجذر الهزيمة النفسية والثقافية أمام أعداء الأمة والقنوع بمكانة التابع لهم، والرضا بالواقع وضعف الهمة للتغيير.
7-إيجاد نوع من الشك عند بعض المسلمين إذ يتبين من هذا المسلك أنه لا علاج للمشكلات التي تعاني منها المجتمعات الإسلامية إلا بمتابعة المجتمعات الكافرة في معالجتها لمشكلاتها، مما يفقدهم الإيمان بصلاحية الشريعة وجدوى اتباعها لإصلاح الواقع.
والمعلوم المقطوع به لدي المسلمين كلهم أنه لا صلاح للأمة إلا بما صلح عليه أولها وهو اتباع كتاب الله تعالى وسنة نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم.
0 comments:
Post a Comment